أنت هنا

حملة 16 يوم من العمل الدؤوب ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي

معًا من أجل أن تكون الأيام حافلة بالعمل لمناهضة جميع أشكال العنف

 

الدكتور اياد نصر، مدير صندوق الأمم المتحدة للسكان في سورية

 

أسطر اليوم هذا المقال موجها حديثي إلى المجتمع وقيادة المجتمع المحلية تحديدًا وإلى كل ذوي المصلحة والعلاقة بشكلٍ عام.  لأن نكون آباءً وأزواجًا وأخوةً أن نكون أمهاتٍ وزوجاتٍ وأخواتِ فذلك يعني بأننا أسرة تربطها علاقات متشابكة وتحددها منظومة قيمية أخلاقية تعكس مدى الاحترام والود الواجبة لضمان أن نعيش جميعًا بلا معاناة وألمٍ يسببه بعضنا للآخرين دونما وجه حق أو مصلحة.

أوجه حديثي إلى كل واحدٍ منا، أنثى أو ذكر ، امرأة أو رجل في أي سنٍ أو ضمن أي فئةٍ عمرية أو مجتمعية، أدعو أولئك الذين يضعون السياسات وأولئك الذين يقدمون الخدمات وأولئك الذين يقودون المجتمع وكل فرد من أفراد الأسرة إلى الوقوف إلى جانب فتياتنا ونساءنا في كل وقت ودونما شرط.

.سوريا كما كل البلاد، يعد العنف القائم على النوع الاجتماعي فيها، بما في ذلك العنف الأسري، مشكلة حقيقية. فعلى مستوى العالم، تتعرض واحدة من كل ثلاث نساء لأحد أنواع العنف القائم على النوع الاجتماعي في أحد مراحل حياتها.  ولكن وفي ظل أوضاع التوتر والأزمات تزداد هذه المعدلات حدةً وخطورة كما الحال في ظل جائحة كورونا التي نعايشها اليوم.  فبالرغم من التدابير الوقائية وجهود التخفيف من آثار الجائحة، إلا أننا نسجل ارتفاعا ملحوظًا في حوادث العنف القائم على النوع الاجتماعي المبلغ عنها، ولا سيما العنف المنزلي والأسري، حيث تواجه النساء والفتيات وفئات أخرى من المجتمع، صعوبة في الحصول على خدمات الصحة الإنجابية والحماية والاستجابة لمواجهة العنف القائم على النوع الاجتماعي. 

أشدد أيضًا على ضرورة مواجهتنا للعنف الرقمي (او ما يعرف بالعنف من خلال الإنترنت) ضد المرأة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. ويعد هذا النوع من العنف اتساعًا لنطاق الأذى سواء الاعتداء الجنسي من خلال وسائل التواصل الإلكترونية والاعتداء الجنسي القائم على استخدام الصور أو إجبار النساء والفتيات على تبادلها قسراً تحت التهديد أو/والمطاردة عبر الإنترنت والتحرش الإجرامي.  ويجب ألا نؤخر اتخاذ الإجراءات اللازمة ولو ليومٍ واحدٍ، حيث ينطبق الحق في العيش دون عنف في كل مكان بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي. الواقع الافتراضي أصبح حقيقيًة ويجب أن يكون آمناً.

.مع إدراكي لما تم اتخاذه في سورية من خطوات ملموسة لتحسين وضع المرأة من سن لتشريعات جديدة، بما في ذلك قانون الأحوال الشخصية، رفع الحد الأدنى لسن الزواج، وفرض عقود الزواج لحماية حقوق المرأة، إلا أن الجهد المبذول لضمان إنفاذ هذه التشريعات بحاجة إلى تعزيز.  ومع ذلك تتأثر النساء والفتيات في سوريا بدرجات متفاوتة من أنواع مختلفة من العنف القائم على النوع الاجتماعي حيث يسهم الوضع الاقتصادي العصيب وشح فرص كسب العيش في زيادة ممارسات التكيف السلبية، مثل زواج الأطفال والزواج المبكر والزواج القسري.

إنَّ التقارير التي ترفع إلي تشير إلى أنَّ مظاهر العنف القائم على النوع الاجتماعي من إساءة جسدية أو جنسية أو عاطفية أو مالية تتحول تدريجيًا الى سلوكيات مسيطرة على المرأة والفتاة بشكل كلي.  

على الرجال كما النساء أن يكونوا قدوة، يحتذي بها الفتيان والفتيات في جميع أنحاء سوريا.  يجب أن نساعدهم على النمو ليصبحوا رجالًا ونساءً يدينون العنف ضد الفتيات والنساء ويظهروا عدم التسامح مطلقًا مع العنف القائم على النوع الاجتماعي.  فقط حينها يمكننا أن نعزز ثقافة الاحترام والعلاقات الصحيحة.

.إنني ومن موقعي هذا أناشد كل الآباء والأزواج والإخوة وأفراد المجتمع أن يكونوا عامل تغيير إيجابي للمبادرة في مناهضة ومنع العنف القائم على النوع الاجتماعي ووضع حدًا له.

.إنَّ حملة الـ 16 يومًا والتي نفذها صندوق الأمم المتحدة للسكان مع شركائه تضمنت أنشطة وفعالياتٍ ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي (25 تشرين الثاني/نوفمبر، 10 كانون الأول/ديسمبر).  دعونا أن تستمر آثاره على مدار العام حيث نضمن الأمن والأمان في المنزل والشارع والحي ومواقع التواصل الإجتماعي ومكان العمل لهن.

نحن ممتنون لدعم شركائنا والجهات المانحة التي تقدم الدعم لأكثر من 126 فريقا متنقلًا متكاملًا، وتوفر 48 مكانًا آمنًا للنساء والفتيات من أجل الوقاية والاستجابة الشاملة لما تحتاجه الناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي.  

إنني أدعوكم جميعًا كشركاء ومعنيين بهذه الحملة الدولية إلى الاستمرار في تنفيذ إجراءات مناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي طوال 365 يومًا وتقديم الدعم للناجين والناجيات من العنف ومعاملتهم بكرامة واحترام كما يستحقون.  إنَّ النساء والفتيات يتعرضنَّ للإيذاء كل يوم من أيام السنة، لذا يجب على كل منا أن يكون فاعلًا وإيجابيًا لتقديم الدعم والمناصرة للنساء والفتيات التي تربطنا بهن رابطة الإنسانية.