Go Back Go Back

دور القابلات في مجال الصحة الإنجابية يتعدى خدمات التوليد: لنعمل جميعاً لضمان تمكينهن

دور القابلات في مجال الصحة الإنجابية يتعدى خدمات التوليد: لنعمل جميعاً لضمان تمكينهن

أخبار

دور القابلات في مجال الصحة الإنجابية يتعدى خدمات التوليد: لنعمل جميعاً لضمان تمكينهن

calendar_today 05 مايو 2022

تشكل الصحة الجنسية والإنجابية وصحة الأمهات والمواليد والمراهقين أحد المكونات الأساسية من أهداف التنمية المستدامة. ويعمل في  المنطقة العربية ما مجموعه 1.35 مليوناً في هذا المجال، ثلثهم من الممرضات اللواتي لم يتلقين أي تدريب منهجي على القبالة. ويتطلب تحسين هذا المكون تعزيز الالتزام حيال القوة العاملة في مجال الصحة وزيادة الاستثمار فيها، لا سيما القابلات اللواتي يلعبن دورًا محوريًا في مجال الصحة الجنسية والإنجابية وصحة الأمهات والمواليد والمراهقين.

وتوفر القابلات الرعاية الأساسية للحوامل والأمهات وحديثي الولادة في حالات الأزمات الإنسانية وفي أشد الظروف صعوبة في العالم مثل السياقات الإنسانية. ومع ذلك، فهن غالبًا ما يفتقرن إلى الدعم اللازم والذي يحتجن إليه لإنقاذ الأرواح، بما في ذلك الأدوية الأساسية وشبكات الاتصال والمواصلات والنظام الصحي الذي يمكنهن من توفير رعاية آمنة لإجراء عمليات التوليد في حالات الطوارئ.

وتعاني منطقة الدول العربية من عجز في أعداد القابلات يقدر بـ  128 ألف قابلة، ويعد عدم المساواة بين الجنسين عاملًا محركًالهذا العجز الكبير. ولا يزال نقص الموارد اللازمة للقوة العاملة في مجال القبالة هو أحد الظواهر التي تشهدها النظم الصحية التي لا تعطي الأولوية لاحتياجات النساء والفتيات في مجال الصحة الجنسية والإنجابية، ولا تعترف بدور القابلات - ومعظمهن من النساء – في تلبية هذه الاحتياجات.

لا يجب أن تكون الولادة بأمان وراحة وسهولة في المنزل أو في العيادات ترفًا، بل حق أساسي من حقوق الإنسان المكفولة للمرأة. فلابد وأن يتم اعتبار الرعاية المتعلقة  بالصحة الإنجابية وصحة الأم، والتي تقدمها القابلات، عنصرًا رئيسيًا ومكونًا أساسيًا في جميع النظم الصحية على الدوام، ولا سيما في أوقات الطوارئ وفي الأوضاع المتسمة بالضعف والهشاشة.

ويشيد صندوق الأمم المتحدة للسكان بعمل جميع القابلات و يتعهد بالوقوف إلى جانبهن والعمل مع جميع الشركاء لحمايتهن، وتقديرًا منا لجهودهن التي يبذلنها في صمت ودون أن تكون ظاهرة للعيان، نقدم لكم بعضًا من قصص نجاح القابلات؛ البطلات المجهولات في مجال حماية ورعاية صحة الأم.

 

قابلات ينقذن الأرواح في السراء والضراء

حليمو هادي، قابلة من الصومال، مستعدة دائمًا لتجاوز الصعاب من أجل القيام بما يمليه عليها واجبها وبذل ما يفوق المهام الموكلة إليها لتوفير رعاية قبالة ذات نوعية جيدة للنساء وحديثي الولادة. تعمل حليمو في مستشفى ديلا، وهي تستقبل يوميًا الكثير من الحالات المعقدة، إحدى هذه الحالات كانت حالة سامسم * التي وصلت إلى المستشفى وهي حامل في الأسبوع 38 بطفلها السابع، كانت سامسم تنزف بشدة وترتجف من الخوف. لحسن الحظ، تمكنت حليمو من إنقاذ الأم على الفور عن طريق حقنها بسوائل في الوريد، ثم رتبت عملية نقل طارئة إلى المستشفى الإقليمي. وفي المستشفى الإقليمي، تم نقل دم لسامسم وأنجبت بأمان، وغادرت بعد أسبوع هي وطفلها المستشفى وهما بصحة جيدة.

 

قابلات في الخطوط الأمامية لدعم النساء أثناء الجائحة

رحمة العمري، قابلة عطوفة ورحيمة، بدأت رحلتها مع صندوق الأمم المتحدة للسكان في عام 2018 في عيادة مخيم الأزرق للاجئين في الأردن. تعامل رحمة مريضاتها مثل أفراد عائلتها، وتقول عن ذلك: "القابلة بالنسبة لي هي حامية وأم ومقدمة رعاية لكل من الأم وطفلها الغالي". وتؤمن العمري بضرورة وجود علاقة وطيدة وصلات وثيقة بين القابلة ومريضاتها، وهي تولي اهتمامًا كبيرًا لاحتياجاتهن الخاصة حتى تتمكن من تقديم أفضل خدمة ممكنة لهن.

وفي الوقت الذي أدت فيه جائحة كوفيد-19 إلى إنهاك وتعثر توافر خدمات الرعاية الصحية الأساسية وتقديمها في جميع أنحاء العالم، تتصدر القابلات الخطوط الأمامية لإنقاذ الأرواح. غير أنه قد نجم عن هذه الجائحة تحديات جسيمة، كان أحد أبرزها هو تعليق وسائل المواصلات، مما زاد من صعوبة وصول رحمة وزميلاتها إلى العمل.

لمدة أسبوعين متتاليين، كانت رحمة هي القابلة الوحيدة التي تقدم الخدمات لمخيم يضم 50.000 شخص، أكثر من نصفهم من النساء. لقد اعتادت رحمة  أن تمشي لأكثر من كيلومترين، وتحمل طفلها البالغ من العمر 9 أشهر وتمسك بيد ابنتها البالغة من العمر ثلاث سنوات، ثم تتركهما في حضانة منزلية في الطريق وتعود لاصطحابهما بعد انتهاء نوبتها. "عندما أشعر بالرضا في عيون النساء اللواتي أدعمهن، أدرك مدى حاجتهن الماسة إلى الخدمات التي نقدمها. ثم أنسى كل شيء عن الصعوبات التي أواجهها. "

 

قابلة شغوفة بإحداث فرق

عملت الدوداوا قابلة في غرب دارفور في السودان لأكثر من 25 عامًا. دفعتها رؤية حدوث وفيات نفاسية في مجتمعها إلى أن تصبح قابلة، وعن ذلك تقول: "عندما كنت في الثالثة عشرة من عمري، توفيت جارتنا أثناء الولادة. أتذكر بوضوح صراخها لأيام. لقد كان الأمر صادمًا ومدمرًا بالنسبة لي عندما ماتت، وشعرت أن هناك بالتأكيد طريقة أفضل للتعامل مع هذه الحالات والكثير الذي يتعين القيام به في هذا المجال".

عندما اندلع النزاع في مايو 2021، بدأ الدوداوا العمل في عيادة يدعمها صندوق الأمم المتحدة للسكان في مخيم كاجا للنازحين داخليًا، ومنذ ذلك الحين قدمت العيادة خدمات الصحة الجنسية والإنجابية لأكثر من 1300 امرأة وفتاة. وقد ساهم ما نشرته من طاقة إيجابية وسعادة في بناء علاقة ثقة مع أفراد المجتمع المحلي من حولها، مما أدى إلى أن تأتي النساء من جميع أنحاء غرب دارفور لتلقي الرعاية منها.

 

قابلات يبعثن بالأمل في الأوقات الصعبة

لينا الشرماني، قابلة يمنية تعمل في فريق توعية متنقل يقدم خدمات متكاملة في مجال الصحة الإنجابية. ويركز عمل لينا على الأسر الضعيفة و النازحة التي تعيش في المخيمات في أوقات الأزمات الإنسانية. وغالبا ما تكون هذه الأسر غير قادرة على الحصول على الخدمات الصحية. تتذكر لينا لقائها بأبيا * في مخيم الموا، وكانت أبيا تبلغ من العمر 15 عامًا وحامل في الشهر الثامن: "كنت قلقة عليها حقًا، فقد كانت تعاني من هبوط في الرحم فضلًا عن سوء تغذية شديد".

وقد كان لقلق لينا ما يبرره. فحين دخلت أبيا في المخاض، بدأت تنزف بشدة. ولم تكن الأسرة تعرف أين يمكنها العثور على مستشفى، وحتى لو كانوا يعرفون، فلن يتمكنوا من تحمل تكاليف وأعباء السفر. ومن ثم، هرع زوج أبيا للعثور على لينا، التي وصلت وكانت بجانب أبيا في وقت متأخر من الليل. فقدت أبيا وعيها عدة مرات أثناء مخاضها، لكن لينا نجحت في السيطرة على النزيف، وأنجبت أبيا طفلًا سليمًا. وأعربت أبيا عن سعادتها لذلك وامتنانها للينا بقولها: "أنا ممتنة جدًا للقابلة. فقد قطعت مسافة كبيرة  في منتصف الليل لإنقاذ حياتي وإنقاذ طفلي".

 

قابلة في قلب الجائحة

خلف الأقنعة الواقية للوجه في العديد من المراكز الصحية والمستشفيات والمنازل وأوقات الأزمات الإنسانية، يمكننا رؤية وجوه مئات القابلات اللائي يعملن بلا كلل لمنع وفيات الأمهات وإنجاب الأطفال بأمان. فردوسلغة محمود هي واحدة من هؤلاء القابلات، تعمل في مستشفى شيكو في بالبالا. وقد تأثر عملها في مجال القبالة بشدة عندما تفشى فيروس كورونا في عالمنا، وعن ذلك تتحدث قائلة: "عندما كنت أشاهد أخبار الجائحة على شاشة التلفزيون بدت لي أنها بمنأى عنا، ولكن عندما تم اكتشاف الحالات الأولى في جيبوتي، زاد قلقي. وعلى الرغم من خطورة التعرض للإصابة بالعدوى والافتقار إلى وسائل الحماية، فقد واصلت العمل في نوبات العمل في المستشفى".

ورغم إرادتها القوية ورغبتها الشديدة في الاستمرار في تقديم خدماتها المنقذة للحياة، إلا أن المستشفى لم يكن مجهزاً بشكل جيد للتعامل مع قسوة الجائحة. "أكثر ما شكل ضغطًا كبيرًا علىّ، هو عدم قدرتنا على تقديم خدمات مأمونة خاصة بالتصدي لكوفيد-19 للنساء الحوامل، غير أننا بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان أنشأنا وحدة آمنة للنساء من أجل الولادة أثناء الجائحة - وقد ساعدنا ذلك بشكل هائل". ويؤكد ذلك على أهمية الخدمات المقدمة في مجال الصحة الجنسية والإنجابية وصحة الأمهات والمواليد والمراهقين والتي يجري إعدادها من أجل مواجهة الصدمات الصحية مثل كوفيد-19، مما يتيح اتخاذ التدابير اللازمة لحماية النساء والمواليد الجدد وأسرهم حين حدوثها وقبل فوات الأوان.

تؤكد كل هذه القصص الرائعة الدور المركزي للقابلات في الصحة الجنسية والإنجابية وصحة الأمهات والمواليد الجدد والمراهقين وضرورة أن يكون هذا القطاع مستعداً استعداداً كافياً في جميع الظروف خاصة خلال حالات الطوارئ.

والقابلات تنقذ الأرواح ولكي تحقق إمكاناتهن المنقذة للحياة وذات التأثير الإيجابي البالغ في مستقبل الكثيرين، فمن الضروري زيادة الاستثمار في تعليمهن وتدريبهن وضمان جودة الخدمات التي يقدمنها. ويتعين على الحكومات إعطاء الأولوية للتمويل والدعم للقبالة واتخاذ خطوات ملموسة لإشراك القابلات في تحديد ووضع السياسات الصحية.