You are here

بيان المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان الدكتورة ناتاليا كانم

اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة

25 نوفمبر 2021

 

العنف في عالم الإنترنت حقيقي. كما أنه خطأ ويجب إيقافه.

قد يبدو أن عالم الإنترنت آمن للنساء والفتيات. وقد يتساءل البعض ما الذي يمكن أن يحدث بمجرد الجلوس أمام الكمبيوتر في المنزل أو في المدرسة أو في المكتب؟

 وهناك الكثير مما قد يحدث، كما تبين. فالعنف الرقمي متفشي بشكل مدمر. وهو شرس بلا هوادة وبلا حدود وغالبًا ما يكون مرتكبيه مجهولي الهوية. ووفقًا لإحدى الإحصائيات، فإن 85 في المائة من النساء عبر الإنترنت قد واجهن أو شاهدن أحداث عنف رقمي. وقد يعاني الناجون من الخوف والاكتئاب والأفكار الانتحارية، تمامًا كما يحدث مع حالات التعرض لأشكال العنف الأخرى.

 يتخذ العنف الرقمي أشكالاً عديدة. قد يقوم الجناة بتهديد النساء وملاحقتهن عبر الإنترنت. ويمكنهم، بدون إذن، قص صور لوجوه النساء والفتيات ولصقها على أجساد بأوضاع مخلة ومشاركتها على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي لسنوات عدة. كما تستهدف الحملات الشرسة عبر الإنترنت المحكلة بخطابات الكراهية وسوء المعاملة ضد النساء ذوات الأدوار العامة، مثل العاملات بالسياسة والصحفيات وكذلك الناشطات في مجال حقوق المرأة.

بينما نعلم بوقوع الكثير من أحداث العنف الرقمي، فإننا لا نملك ما يكفي من المعلومات عنه حتى الآن. ولإيقافه، نحتاج إلى بذل المزيد من الجهد لوضع تعريف محدد له وقياس حجمه وتداعياته. ويجب أن نفهم بشكل أفضل أشكاله، وتأثيراته، والإجراءات الفعالة للاستجابة والتصدي له.

 أينما وقع العنف ضد النساء والفتيات، فهو يُعد انتهاك لحقوق الإنسان. في 25 نوفمبر من كل عام، وهو اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد النساء والفتيات، ومن خلال حملة الأمين العام للأمم المتحدة "اتحدوا للقضاء على العنف ضد المرأة بحلول عام 2030 "، يتخذ صندوق الأمم المتحدة للسكان موقفًا ضد جميع أشكال العنف. وهذا العام، ندعو الناس في كل مكان إلى وقف العنف في العالم الرقمي.

في عالمنا المتنامي الافتراضي عبر الإنترنت، هناك الكثير من المخاطر إذا لم نتخذ موقفًا حازمًا. فإلى جانب التهديدات الواضحة للصحة العقلية والسلامة الجسدية، يدفع العنف الرقمي النساء إلى تجنب الاتصال بالإنترنت لأنه لا يمكنهن الهروب منه. وعندما تنقطع الفتيات عن مواصلة دروسهن أو لا تستطيع البرلمانيات المنتخبات أداء واجباتهن بسبب سيل من الاعتداءات عبر الإنترنت، فإنهن بذلك يعانين من انتهاكات حقوقهن. وبذلك نفقد جميعًا قدراتهن وخبراتهن القيادية في مجتمعاتنا.

لهذه الأسباب، يحث صندوق الأمم المتحدة للسكان الحكومات وشركات التكنولوجيا لأخذ زمام المبادرة في وقف العنف الرقمي. ونحن ندعو المشرعين والصحفيين والمجتمع المدني وذوي النفوذ إلى التحدث علانية عن الأمر ومواجهته واتخاذ الإجراءات لوقفه. حيث تتمثل إحدى الحقائق البسيطة والمدمرة في أن النساء حول العالم لديهن حاليًا طرق أقل لحماية أنفسهن عبر الإنترنت من طرق حماية حقوق الملكية الفكرية. وفي حين أن انتهاك حقوق الطبع والنشر يمكن أن يؤدي إلى الإزالة الفورية للمواد المنتهكة والعقوبات الجنائية والمدنية للمنتهك، فإن النساء والفتيات اللواتي يواجهن جريمة مشاركة صورهن دون رضائهن يجب أن يحصلن على وسائل حماية أكثر صرامة.

يتخطى العنف الرقمي الحدود والأنظمة التنظيمية. وسيتطلب إيقافه طرقًا جديدة للتفكير وأشكالًا جديدة من التعاون بين المنظمين وشركات التكنولوجيا والناشطين الرقميين والمدافعين عن حقوق المرأة. وهناك حاجة إلى تركيز خاص على الشباب الذين يعرضهم استيعابهم السريع للتكنولوجيا لخطر أكبر. ويجب أن يكون لديهم المعلومات والوسائل لحماية أنفسهم بشكل كامل، وخاصة الفتيات الصغيرات.

ينتقل المزيد من الأشخاص والخدمات والأنشطة يوميًا للعمل عبر الإنترنت. وهذا يعني تزايد فرص وقوع أحداث العنف الرقمي ضد النساء والفتيات. ويجب أن ندرك حجم هذه الأزمة وألا نؤجل العمل على إيجاد حلول لها حتى ليوم واحد آخر. فالحق في العيش دون عنف مكفول في كل مكان ولا يبطل داخل عالم الإنترنت. إن ذلك العالم الافتراضي حقيقي بما فيه الكفاية. ويجب أن يكون آمنًا للجميع.